التالي
(سؤال وجواب)
قطوف من الإعجاز العلمي في السنة النبوية
ما موقف العلم الحديث من الحديث: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب؟ 151
ما هي صور الإعجاز العلمي فيما يلي: 152
ما هي صور الإعجاز العلمي في الطب النبوي مع التمثيل لذلك؟ 153
س151) ما موقف العلم الحديث من الحديث: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب)؟
ج151) داء الكَلَب والتراب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً أولاهن بالتراب).
لقد وقف علماء الفقه والحديث من هذا الحديث موقف المستغرب إذ كيف يكون التراب مطهرًا؟ وهو يجعل الشيء الذي يلامسه متسخاً لا نظيفاً ، ووقف أكثرهم من هذا الحديث بأنه أمر تعبدي لا يناقش فيه ولا يسأل عن علة هذا المسح بالتراب ، ونحن نسمع ونطيع ونغسله بالتراب ، ولو لم نعرف العلة في ذلك اتباعاً لظاهر لفظ الحديث.
وجاء القرن الحديث بما يحمله من دراسات وبحوث وأدوات متقدمة تيسر البحث وتظهر أموراً كان من الصعب على الناس أن يصلوا إليها في عصور سابقة دون هذه الأدوات المتقدمة المتطورة.
وكان من جملة ما أجري من بحوث حول علاقة التراب بداء الكَلَب ، فداء الكَلَب مرض من الأمراض التي تكون جراثيمه في لعـاب الكلـب وتنتقل منه إلى الإنسان ، وقد يكون الحيوان حاملاً لهذا الداء وإن لم تظهر عليه علامات الإصابة به ، ومثله مثل أي حيوان أو أي حي ينقل جراثيم مرض دون أن يصاب بذلك المرض.
ذلك البحث أجري في إسبانيا منذ زمن كما أجراه أحد الأطباء الباكستانيين قريبًا ، حيث وجد أن داء الكَلَب وجراثيمه مهما غسلت بالماء فإن الماء لا يذهب بها ، فإذا مسحت بالتراب ، فإن التراب يذهب بها ولا يبقي في الإناء أثرًا لها ، وكذا إذا كان الكلب يحمل جراثيم أمراض أخرى ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أعلى
س152) ما هي صور الإعجاز العلمي فيما يلي:
ج152)
أ) ظاهرة الحيض عند النساء.
قال تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين).
والله عز وجل يجيب عن سؤال الصحابة رضي الله عنهم عن المحيض ، أي محيض المرأة في دورتها الشهرية التي تأتيها فقال لهم مقدماً علة النهي (هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) فجاء لطفاً منه سبحانه ليؤخذ الحكم بالقبول من المتسائلين الذين قد يرون أن الحجر عليهم في أمور غرائزهم وشهواتهم تحكُّم ، فيعلم أنه حكم للمصلحة ، والنهي عن قربان النساء إنما المقصود به الوقاع ، والمعنى أنه يجب على الرجال ترك غشيان نسائهم زمن الحيض لأن غشيانهن سبب للأذى والضرر للرجل والمرأة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا الجماع).
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟
قال: (لك ما فوق الإزار) ، فالمباشرة الزوجية أثناء الحيض وفي مكانه أذى وضرر
وبالدراسة والبحث وضح ما يلي:
· إن الجراثيم الضارة توجد بأعداد رهيبة في المهبل أثناء الدورة الشهرية ، وتختفي عضويات دودرلين.
· إن عضويات دودرلين توجد بصفة طبيعية في المهبل ، وهي تعتبر الحارس عليه ضد الجراثيم الضارة ، وتلك العضويات تعيش على السكر المخزون في خلايا جدار المهبل ، ويقل هذا المخزون حتى يتلاشى تماماً قبل الحيض بساعات وأثناءه ، وبناءً على ذلك فإن عضويات دودرلين تصل إلى قمة تكاثرها ونشاطها في منتصف مدة الطهر ، وقد وصل معدلها- في الدراسة- إلى 5×10مم3 ، ثم تقل وتضعف قبل الحيض مباشرة.
· عند حدوث الحيض ونزول الدم ، فإن درجة التأين الحمضي للمهبل تتغير من الحامضية إلى القلوية فتموت تلك العضويات ، ويأخذها تيار الدم معه إلى خارج المهبل
· في وقت الحيض تكون الفرص كلها سانحة والظروف كلها مهيأة تماماً لنمو وتكاثر ثم نشاط الجراثيم الضارة.
· وفي غياب تلك العضويات ، وتبدل درجة التأين الحمضي إلى القلوية ، وفي وجود الدم الذي يعتبر الغذاء الشهي للجراثيم الضارة ، فإن الجراثيم تجد المرتع الخصب للنمو والتكاثر ، والنشاط ليس هذا فحسب فإنما تدعو صويحباتها من جراثيم الشرج وجراثيم مجرى البول ، والشرطي غائب (عضويات دودرلين) وليس أشد غدراً من جرثومة ضارة ، وليس من مانع يمنع دخول الجراثيم إلى جدار الرحم المتهتكة في هذا الوقت بالذات ، ولإنفاذها إلى داخل فراغ البطن ، ولا إلى اقتحامها الأنسجة الرخوة ، والبالغ الطراوة في تلك الآونة الحرجة سوى شيء واحد ذلك هو تيار الدم المضاد الآتي من أعلى إلى أسفل. فليس من الحكمة إذن ولا من المنطق في كثير أو قليل معاندة الطبيعة باقتحام حاجز الدفاع الأوحد والباقي للمحيض.
· وقد وجدت الدارسة أن طفيل الترايكومونس في وقت الحيض يتضاعف أربعة أضعاف ، وهذا الطفيلي وجد في أعلى المهبل أثناء الحيض متحيناً فرصته ومترقباً صيده ومعروف أنه يسبب التهابات في الجهاز البولي والتناسلي للذكر وانتقاله إليه لا يكون إلا عن طريق المباشرة الزوجية ، واحتمال الإصابة به قائم في ذلك الوقت إذا حدثت المباشرة ، ولقد نص القرآن الكريم والسنة النبوية على شَرْطَي الطهر: انقطاع الدم ، والتطهر بالماء لاقتفاء أثر الدم كما أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل فقال: خذي فرصة ممسكة ففوطي ثلاثاً. قالت كيف أتطهر؟ ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استحيا ، فأخَذْتُها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: تتبعي أثر الدم.
· فبذلك التطهر تزول الجراثيم الضارة في الوقت الذي لا يوجد فيه تيار سائل جار لغسلها طبيعياً ويهيئ الظروف لوجود عضويات دودرلين مرة أخرى ، خاصة إذا ما أثبتت السنة النبوية بالتطهر بالمسك فهو فضلاً عن طيب رائحته فهو قاتل للجراثيم.
(انظر مجلة الإعجاز العدد الثالث)
ب) الختان للجنسين الذكر والأنثى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الفطرة خمس: الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر ، وقص الشارب).
والختان قطع الجلدة التي تغطي الحشفة ، والمستحب أن تستوعب من أصلها عند أول الحشفة.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء).
فالختان سنة للمسلمين وعلامة فارقة فيهم وشعار لهم ، ويشاركهم في ذلك اليهود لأن أول من أمر به هو إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام.
ونشرت المجلة الطبية البريطانية مقالاً في عام 1987م جاء فيه: (إن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود ، وفي البلدان الإسلامية حيث يجرى الختان أثناء فترة الطفولة ، وأثبتت الإحصائيات الطبية أن سرطان القضيب عند اليهود لم يشاهد إلا في تسعة مرضى فقط في العالم كله).
وفي المجلة الأمريكية لأمراض الأطفال ، مقال جاء فيه: (إن الرجل غير المختون يعتبر معرضاً لسرطان القضيب ، وحين يمكن منع حدوث هذا السرطان إذا ما اتبع مبدأ الختان عند الوليدين).
وقد أثبتت الدراسات أن سرطان القضيب يعزى إلى عدم إجراء الختان ، وقلة الاعتناء بنظافة القضيب وبقاء مفرزات بين الحشفة والقلفة.
وأكدت المجلة الأمريكية للأطفال: (أن العوامل الدينية عند المسلمين واليهود التي تقرر اتباع الختان تلعب عاملاً أساسياً في حث هؤلاء على الأخذ بهذه الفطرة).
وتفصيل ذلك: أن بقاء القلفة محيطة بالحشفة يكون بمثابة المستنقع الذي تنمو فيه أكثر العوامل المرضية ، ويسقيها البول بنجاسته ، فتتكاثر وتنتعش ، وتتكون على جدر هذا الجيب مادة بيضاء مترسبة هي نتيجة بقايا الجراثيم والفطور ، وإفرازات الغدد الدهنية والعرقية مع فوسفات النسيج المخاطي وترسبات البول ومحتوياته.
ومن هنا يسهل علينا أن نتصور كيف تدخل العوامل المرضية من صماخ البول عند من لم يختتن وتلج هذه الإحليل ومنه إلى المثانة ، ثم إلى الكلية ، أو أنها تتابع طريقها إلى (البروستاتة) أو إلى الخصية والبربخ ، وقد تسبب العقم عند الرجال نتيجة التهاب الخصية والبربخ ، وقد ثبت أن الختان يمنع سرطان رأس القضيب إذ لا وجود لهذا السرطان عند المختونين ، أو كلما كان الختان في سن أبكر تكون الوقاية أضمن.
وهذه الالتهابات قد تنتقل إلى المرأة فتسبب عندها التهابات الفرج ، والتهابات غدة بارتولان ، والتهاب المهبل ، أو يلتهب عنق الرحم ويتقرح ، وقد يكمل الالتهاب سيره المشؤوم فيصيب الرحم ، أو الملحقات كالبوتين مما يسبب العقم عند المرأة.
ولا نقول إن الختان يمنع ، أو يخفف كثيراً من هذه الالتهابات التي ذكرت فحسب ، وإنما هناك أمراض لا يفيد فيها إلا الختان مثل تضيق القلفة الخلفي ، أو الالتهاب الأمامي والخلفي ، والتصاق القلفة بالحشفة ، وبعض أنواع حصر البول المتكرر بسبب القلفة ، وختان الزوج له دور كبير في وقاية الزوجة من أكثر أمراض النساء الالتهابية.
وأما ختان الأنثى ويسمى في الشرع (الخفض) فهو سنة ، ومكرمة لها وبخاصة عندما تكون الأعضاء التناسلية الخارجية عندها من البظر ، أو الشفرين الصغيرين مفرطي النمو بشكل يدعو إلى النفور والاشمئزاز ، أو أن هذا الإفراط في النمو والتدلي إلى الخارج يؤدي في المستقبل إلى الإثارة الجنسية المستمرة بسبب الاحتكاك المتواصل ، فيخف عندها الحياء والعياذ بالله ، وقد تنزلق إلى الانحراف والمعصية ، ولهذا سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكرمة.
ثم إنه عندما يزيد نمو هذه الأعضاء زيادة كبيرة يتعذر الجماع نظرًا لإحالتها دون ولوج القضيب في المهبل.
أما إذا لم يوجد عند الفتاة أصلاً ما يمكن قطعه أو كان ما لديها معتدلاً فلا مبرر للختان ، والله أعلم.
ويلاحظ بصورة عامة فرط نمو الأعضاء التناسلية الخارجية عند الإناث كلما اقتربنا من خط الاستواء ، وضمورها واستواؤها كلما توجهنا شمالاً حتى يندر فرط النمو في الشعوب الشمالية.
ج) أكل الميتة.
أفاد الدكتور جون هونوفر لارسن أستاذ قسم البكتريا في مستشفى غيس ، المستشفى الرسمي وأكبر مستشفيات كوبنهاجن: (إن لحم الميتة مستودع للجراثيم ، ومستودع للأمراض الفتاكة ، ولذلك شرعت القوانين في أوروبا بتحريم أكل الميتة).
وذكر أن الحيوان الذي يموت مختنقاً تنتقل الجراثيم التي فيه إلى من يأكل لحمه ، وذلك لأن جدار الأمعاء الغليظة ، حيث توجد الفضلات ، يعمل كحاجز يمنع انتقال الجراثيم من الأمعاء الغليظة إلى جسم الحيوان وإلى دمه طالما كان الحيوان على قيد الحياة.
ومعلوم أن الأمعاء الغليظة مستودع كبير للجراثيم الضارة بالإنسان ، والجدار الداخلي لهذه الأمعاء يحول دون انتقال هذه الجراثيم إلى جسم الحيوان ، كما أن في دماء الحيوان جداراً آخر يحول دون انتقال الجراثيم من دم الحيوان ، فإذا حدث للحيوان خنق فإنه يموت موتاً بطيئاً ، وتكمن الخطورة في هذا الموت البطيء عندما تفقد مقاومة الجدار المغلف للأمعاء الغليظة تدريجيًا قوتها مما يجعل الجراثيم الضارة تخترق جدار الأمعاء إلى الدماء وإلى اللحم المجاور ، ومن الدماء تنتقل هذه الجراثيم مع الدورة الدموية إلى جميع أجزاء الجسم لأن الحيوان لم يمت بعد ، كما تخرج من جدار الأوعية الدموية إلى اللحم بسبب نقص المقاومة في جدر هذه الأوعية الدموية ، فيصبح الحيوان مستودعًا ضخمًا لهذه الجراثيم الضارة ، ثم تفتك هذه الجراثيم المتكاثرة بصحة الحيوان حتى الموت ، وموته في هذه الحالة يعنى وجود خطر كبير في جسد هذا الكائن الذي يموت مختنقًا ، وأفاد أيضًا أن هذا الأمر يحدث للحيوان الذي يموت بأي وسيلة من الوسائل غير الذبح الذي يقوم به المسلمون لتذكية الحيوان ، قال الله تعالى: (حُرِّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السَّبُعُ إلا ما ذكيتم).
د) تحريم أكل لحم الخنزير.
أفاد الدكتور جون هونوفر لارسن أستاذ قسم البكتريا في مستشفى غيس ، المستشفى الرسمي وأكبر مستشفيات كوبنهاجن بأنه اكتشف جرثومة جديدة اسمها (بارسينا) وهذه الجرثومة لا توجد إلا في الخنزير فقط ، ولا تعيش إلا في درجة منخفضة جداً هي (400 مئوية) ، وهذه الجرثومة يصاب بها كثير من الأوربيين ، وكثير من إصابات العمود الفقري والمفاصل ترجع إلى هذه الجرثومة. (انظر العدد الثالث من مجلة الإعجاز).
هذا إضافة إلى ما سبق أن اكتشف من وجود الدودة الشريطية وبويضاتها المكسية في لحمه ودمه وأمعائه ، رغم المحاولات الكثيرة من قبل الأطباء البيطريين في إحراق كميات كبيرة من لحمه للتخلص من هذه الدودة ، فإنها تظهر من جديد دائماً وأبداً.
كما أن علماء النفس قد اكتشفوا أن أكل لحم أي حيوان ينقل صفات ذلك الحيوان إلى الآكل ، ولما كان الخنزير من أقذر الحيوانات ، حيث يحب الحياة بين الأوساخ رغم كل المحاولات لتنظيف حظيرته وتنقيتها ، إضافة إلى ذلك ، فإنه الحيوان الوحيد الذي لا شرف عنده البتة ، فهو يساعد غيره من الذكور على جماع أنثاه. ومن الممكن إذا صح هذا الاستنتاج ، أن تعزى ظاهرة عدم غيرة الغربيين إلى أكلهم لحم الخنزير.
هـ) صيام الأيام البيض.
لقد جاءت السنة النبوية المطهرة في أحاديث كثيرة تحث المسلم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، أو بالتحديد الأيام التي تكون لياليها ببيضاء يعني من أشعة القمر حين يكون بدرًا ، وهي يوم (13 و 14 و 15) من كل شهر عربي.
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة).
وقد لاحظ الباحثون أن هذه الأيام الثلاثة عندما يكون القمر بدراً في لياليها يزداد المد في البحر ازدياداً كبيراً ، مما يسبب الهيجان الكبير ، كما لاحظوا أن الإنسان أيضًا يصاب بمثل هذا الهيجان في هذه الأيام وبخاصة من الناحية الجنسية ، بل وجدوا أن هذه الأيام الثلاثة تكثر فيها الجرائم بدافع الهيجان الذي يصاب به الإنسان فيها ، وقد ربط بعض الباحثين بين ما يحدث على الأرض وما يحدث في جسم الإنسان بأن نسبة الماء في الكرة الأرضية هو 75% تقريبًا وكذا نسبة الماء في جسم الإنسان هو قريب من هذا.
ولما كان الصوم هو الدواء الوحيد الذي يخفف من حدة الإنسان وهيجانه الجنسي ، وذلك كما هو معروف أن أعظم الدوافع في الإنسان هو دافع الأمومة ثم الدافع إلى الطعام ثم الدافع الجنسي ، وإذا كان الإنسان صائماً فإنه يخفف من اندفاعه لاندفاع الجسم بدافع الطعام والشراب.
فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الهدي قد أعطى الإنسان دواءً ناجعاً ليكون هادئاً في وقت الثورة والهيجان ، فصلى الله عليه وسلم من عالمٍ علمنا الكثير ، وسيكشف العلم من علمه الكثير.
و) تفشي مرض الإيدز نتيجة انتشار الفاحشة.
جريمة اللواط من أشنع الجرائم وأقبحها ، وهي تدل على انحراف في الفطرة ، وفساد في العقل وشذوذ في النفس ، ومعنى اللواط أن يجامع الرجل رجلاً أو امرأة ولكن في دبرها لا في قبلها.
قال تعالى: (أتأتون الذكران من العالمين! وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون).
وسميت باللواط نسبة إلى قوم لوط عليه السلام التي ظهرت فيهم هذه الفعلة لأول مرة في تاريخ الإنسانية (ما سبقكم بها من أحد من العالمين).
فعاقبهم الله تعالى بأقسى عقوبة فخسف الأرض بهم ، وأمطر عليهم حجارةً من سجيل جزاء فعلتهم القذرة وأنزل في ذلك قرآناً يتلى ليبقى عبرة للأمم والأجيال ، قال تعالى: (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود! مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد).
هذا ما ثبت في تاريخ الإنسانية ، وعاقبهم الله تعالى بعقاب لم يبق منهم بعده أثر ، وكان ذلك حتى لا يبقى من المجرمين أحد ، وحتى لا ينقلوا أمراضهم الاجتماعية والبدنية إلى جيل آخر من بعدهم ، فإن الله تعالى يحب أن تبقى الدنيا نظيفة من أدران الرذيلة والانحراف ، ولهذا جاء رسول الهدى يبين لنا عظم هذه الجريمة في أحاديثه الشريفة التي أوضحت لنا الطريق الحق الذي يجب اتباعه ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينظر الله عز وجل إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في دبرها) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ملعون من أتى امرأة في دبرها) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ملعون من عمل عَمَل قوم لوط) ، فاللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى ، ولا يكون ذلك إلا لفعل كبيرة من الكبائر العظيمة في الإثم والكراهة في الفعل ، وتكرار ذلك في جريمة اللواط دليل واضح على عظم هذا الذنب الذي يستحق صاحبه كل عقوبة ، والأحاديث في هذا كثيرة.
وقد حذرنا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم من مغبة الفواحش عامة ، ومن إعلانها في المجتمع ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون ، والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يُمطَروا ، ولم ينقضوا عهد الله ورسوله إلا سلط عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم).
فهذه العقوبات التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يعرض عن ذكره إعراضاً كلياً أو جزئياً فلكل عمل جزاء ، فالفاحشة وفشوها في المجتمع الإنساني جزاؤها أمراض جديدة ما كانت في الأسلاف وهذا ما نعيشه في هذا القرن.
ولقد شاءت إرادة الله أن يبعث في القرن العشرين تِنِّيناً كاسراً يوقظ الراقدين ويبعث الرعب في قلوب الذين أعمى أبصارهم زيف الحضارة ، وظنوا أن الجنس كالطعام يترددون عليه ويتناولونه حيث شاؤوا وأنى أرادوا ، وكيف عنَّ لهم دون أن يكون هناك نظام رادع أو قيم معتبرة ، ولقد تخبطت حضارة القرن العشرين في حرية الجنس فما تركت من فضيلة إلا وعبثت بها ، ولا شرف ولا عفة إلا وحطمت أركانه ، ولا كرامة للمرأة إلا دنستها.
وكان مرض الإيدز صيحة أقلقت الغرب في مضاجعه وما يزال ، وكان وصمة عار على أولئك الذين عزفوا عن الزواج ، وابتغوا اللواط مذهبًا لهم.
يقول الدكتور جورج دنيا: (إن تظاهرات الشاذين جنسياً في الشوارع قد اختفت ، والحمامات العامة قد أغلقت أبوابها ، والدعوة إلى الطهارة والعفة والزواج من امرأة واحدة قد عادت للظهور ، وإن الخوف من الإيدز قد يعيد القيم الأخلاقية والاجتماعية التي كانت في الخمسينات إلى الظهور ، وإن تقديس الفتاة العذراء قد يعود من جديد).
نعم (الطهارة ، العفة ، المرأة العذراء) كلمات أصبحت تتردد على شفاه الملايين بعد أن غابت عبر السنين الطويلة في الفسق والفجور ، وفي إحصاء لمرضى الإيدز تبين أنهم أنواع أربعة:
1- الشاذون جنسياً ، وتبلغ نسبتهم في بريطانيا84%.
2- الذين يتعاطون المخدرات بواسطة الحقن.
3- الزناة الذين يتعاطون الفاحشة مع أكثر من امرأة.
4- مرضى انتقل إليهم فيروس الإيدز مع دم احتاجوا إليه.
وأما النساء فقد ظهر الإيدز عند البغايا منهن ، أو عند من يتناولن المخدرات.
إن الشاذين جنسياً أو مدمني المخدرات هم الذين يلامون على انتشار الإيدز وإنهم يحملون مسؤولية سريان هذا الوباء في المجتمع الإنساني.
والطريقة الوحيدة لتجنب داء الإيدز هي أن يقتصر الرجل على علاقة زوجية شريفة ، ولو اقتصر الرجل على علاقته بزوجته ، والزوجة على علاقتها بزوجها فقط لكان احتمال الإصابة بالإيدز أمرًا شبه مستحيل.
ومن هنا نعلم دقة الأحكام الإسلامية التي بينتها السنة النبوية ، حيث بينت أن عمل قوم لوط هو من أخوف ما يخافه النبي على الأمة ، وذلك لما يحمله من أضرار سيئة وخيمة العاقبة كما بين أنهم ملعونون.
وكذلك عندما جعل جزاء هذا العمل هو قتل الفاعل ، والمفعول به حتى لا يبقى لهذه الجريمة أي أثر في المجتمع ، مادياً كان أو معنوياً ، وبهذا كان المجتمع المسلم نظيفًا نظافة مطلقة من كل مرض يمكن أن يصيب البغاة والذين يسيرون في طريق البغي والفجور.
ويظهر إعجاز السنة النبوية العلمي في هذا الموضوع عندما أخبر أن شيوع الفاحشة في المجتمع سبب لظهور أمراض لم تكن معروفة فيمن سبقهم ، وهذا ما رآه المجتمع الإنساني في قرننا الحالي.
أعلى
س153) ما هي صور الإعجاز العلمي في الطب النبوي مع التمثيل لذلك؟
ج153) صور الإعجاز العلمي في الطب النبوي في كل مجالات الطب التشريحي (الفيزيولوجي) الوقائي والعلاجي ، وسأضرب أمثلة قليلة في ذلك لضيق المجال:
فمن ذلك: ما جاء عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
إن هذا التصوير الذي يصوره الحديث الشريف لهو تصور علمي دقيق لما يحدث في الجسم فترتفع بذلك حرارة الإنسان ، ويصاب بالحمى التي تمنعه من النوم ، وتقلقه في ليله ، وتؤرقه في نهاره ، وهذا الترابط ليس بين الأجزاء العضوية في جسم الإنسان بل يتعداه إلى الناحية النفسية أيضاً.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب).
فالقلب الإنساني أساس الصحة في البدن ، فإذا كان هذا القلب سليماً من الأمراض معافى من الأسقام ، كان الجسد كله سليماً في الأعم الأكثر.
ومن ذلك ما جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اكتحلوا بالإثمد ، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر) ، وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالإثمد فإنه منبت للشعر ، مذهبة للقذى ومصفاة للبصر).
والإثمد يستعمل ضمن الأدوية المعالجة (للتراخوما) وإذا استمرت الدراسات قد تستنتج من الإثمد الأشياء الكثيرة.
ومن ذلك ما جاء عن المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه).
فهذا الحديث يعطي تنظيماً دقيقاً لطعام الإنسان بحيث لا يزيد عن الحاجة ولا ينقص عنها ، فيعيش الإنسان براحة مبتعدًا عن السمنة التي تتعب الجسم والقلب وهو داء القرن العشرين.
ومن ذلك ما قاله عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن) وفي رواية: (ما أعلم شراباً يجزئ عن الطعام غير اللبن).
فيشير بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما في اللبن من المواد النافعة الكثيرة الضرورية لقيام الجسد الإنساني صغيراً كان أو كبيراً ، فقد أشار إلى قيمة اللبن الغذائية في زمن لم يكن يدرك الناس وقتئذ تركيب اللبن ، وما يحتوي عليه من عناصر ، ومركبات الغذاء الحيوي الهام التي لا تجتمع في شراب غيره.
ومن ذلك أيضاً ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا عائشة إن بيتًا لا تمرَ فيه جياع أهله) ، أو قال: (بيت لا تمرَ فيه كالبيت لا طعام فيه).
فيبين أن التمر يكفي الإنسان بالغذاء ، ويشبعه فلا يحتاج إلى غيره ، وقد ثبت احتواؤه على الكثير من المعادن حتى سمي منجماً لكثرة المعادن فيه ، وهو وجبة غذائية ممتازة تحتوي على فيتامين (أ) وفيتامين (ب) والسكر سهل الهضم بعكس المواد النشوية.
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام).
وكل الدراسات الحديثة تؤكد ضرر الخمر على صحة الإنسان ، وأنها تسبب الأمراض الكثيرة الجسدية والنفسية ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يضع قاعدة: أن كل شراب سبب في اغتيال العقل والإسكار فهو خمر له حكم الخمر بالتحريم.
ومن ذلك حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من: اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة).
ففي هذين الحديثين وغيرهما كثير ، يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهمية الصحة والعافية ، وهذا ما تبذله الآن دوائر الصحة في كل بلاد الدنيا من أجل محافظة أفرادها على صحتهم وعافيتهم.
ومن ذلك ما جاء عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها) ، فهذا الحديث يضع القاعدة الأساسية للحَجْر الصحي الذي تقوم به الدول للحماية من الأمراض الواردة إذ نجد ذلك في الأمثلة الكثيرة على الإعجاز النبوي في مجال الطب.
أعلى
أول الصفحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق