الجمعة، 30 ديسمبر 2022

من سورة النساء

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ١٧٤_١٧٥
من سورة النساء 
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَاۤءَكُم بُرۡهَـٰنࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكُمۡ نُورࣰا مُّبِینࣰا (١٧٤) فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُوا۟ بِهِۦ فَسَیُدۡخِلُهُمۡ فِی رَحۡمَةࣲ مِّنۡهُ وَفَضۡلࣲ وَیَهۡدِیهِمۡ إِلَیۡهِ صِرَ ٰ⁠طࣰا مُّسۡتَقِیمࣰا (١٧٥)﴾ [النساء ١٧٤-١٧٥]

يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا جَمِيعَ النَّاسِ وَمُخْبِرًا(١) بِأَنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مِنْهُ بُرْهَانٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ للعُذْر، وَالْحُجَّةُ الْمُزِيلَةُ لِلشُّبْهَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَأَنزلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ أَيْ: ضِيَاءً وَاضِحًا عَلَى الْحَقِّ، قَالَ ابْنُ جُرَيج(٢) وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْقُرْآنُ.﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ﴾ أَيْ: جَمَعُوا بَيْنَ مَقَامَيِ الْعِبَادَةِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِالْقُرْآنِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.﴿فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ﴾ أَيْ: يَرْحَمُهُمْ فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ وَيَزِيدُهُمْ ثَوَابًا وَمُضَاعَفَةً وَرَفْعًا فِي دَرَجَاتِهِمْ، مِنْ فَضْلِهِ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ أَيْ: طَرِيقًا وَاضِحًا قَصْدا قَوَاما لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَلَا انْحِرَافَ. وَهَذِهِ صِفَةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى مِنْهَاجِ الِاسْتِقَامَةِ وَطَرِيقِ السَّلَامَةِ فِي جَمِيعِ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْعَمَلِيَّاتِ، وَفِي الْآخِرَةِ عَلَى صِرَاطِ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمِ الْمُفْضِي إِلَى رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " الْقُرْآنُ صراطُ اللهِ المستقيمُ وحبلُ اللَّهِ الْمَتِينُ ". وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِتَمَامِهِ فِي أول التفسير ولله الحمد والمنة.

(١) في ر، أ: "ومخبرا لهم".
(٢) في أ: "جرير".

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

ليست هناك تعليقات: