صدقة جارية
تفسير اية رقم ١_١٢
من سورة الانفطار
﷽
﴿إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنفَطَرَتۡ (١) وَإِذَا ٱلۡكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتۡ (٢) وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ (٣) وَإِذَا ٱلۡقُبُورُ بُعۡثِرَتۡ (٤) عَلِمَتۡ نَفۡسࣱ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ (٥) یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِیمِ (٦) ٱلَّذِی خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِیۤ أَیِّ صُورَةࣲ مَّا شَاۤءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلَّا بَلۡ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّینِ (٩) وَإِنَّ عَلَیۡكُمۡ لَحَـٰفِظِینَ (١٠) كِرَامࣰا كَـٰتِبِینَ (١١) یَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ (١٢)﴾ [الانفطار ١-١٢]
تَفْسِيرُ سُورَةِ الِانْفِطَارِوَهِيَ مَكِّيَّةٌ.قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَدَامَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دثَار، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَامَ مُعَاذٌ فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَطَوَّلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ؟! [أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ؟!](١) أَيْنَ كُنْتَ عَنْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالضُّحَى، وَإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ؟! "(٢) .وَأَصْلُ الْحَدِيثِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ(٣) وَلَكِنْ ذُكَر " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ " فِي(٤) أَفْرَادِ النَّسَائِيِّ. وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ سَرَّه أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْقِيَامَةِ رأي عين فليقرأ: " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ " و " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ " وَ " إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ " "(٥) .بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *يَقُولُ تَعَالَى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾ أَيِ: انْشَقَّتْ. كَمَا قَالَ: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِه﴾ [الزُّمَرِ: ١٨] .﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ أَيْ: تَسَاقَطَتْ.﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَجَّرَ اللَّهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: فَجَّرَ اللَّهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، فَذَهَبَ مَاؤُهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: اخْتَلَطَ مَالِحُهَا بِعَذْبِهَا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مُلِئَتْ.﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَت﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بُحِثَت. وَقَالَ السُّدِّيُّ: تُبَعثر: تُحرّك فَيَخْرُجُ مَنْ فِيهَا.﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ أَيْ: إِذَا كَانَ هَذَا حَصَل هَذَا.وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ ؟ : هَذَا تَهْدِيدٌ، لا كما يتوهمه بعض الناس مِنْ أَنَّهُ إِرْشَادٌ إِلَى الْجَوَابِ؛ حَيْثُ قَالَ: ﴿الْكَرِيمِ﴾ حَتَّى يَقُولَ قَائِلُهُمْ: غَرَّهُ كَرَمُهُ. بَلِ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: مَا غَرَّكَ يَا ابْنَ آدَمَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ-أَيِ: الْعَظِيمِ-حَتَّى أَقْدَمْتَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، وَقَابَلْتَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ؟ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ابْنَ(٦) آدَمَ، مَا غَرَّكَ بِي؟ ابْنَ آدَمَ، مَاذَا أجبتَ الْمُرْسَلِينَ؟ ".قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: أَنَّ عُمَرَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: ﴿يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ فَقَالَ عُمَرُ: الْجَهْلُ(٧) .وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّة، حَدَّثَنَا أَبُو خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْبَكَّاءُ، سَمِعْتُ ابن عمر يقول وقرأ هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَرَّهُ-وَاللَّهِ-جَهْلُهُ.قَالَ: ورُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيم(٨) وَالْحَسَنِ، مِثْلُ ذَلِكَ.وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ شيءٌ، مَا غَرّ ابْنَ آدَمَ غَيْرُ هَذَا الْعَدْوِ الشَّيْطَانِ.وَقَالَ الْفَضِيلُ بْنُ عِيَاضٍ: لَوْ قَالَ لِي:"مَا غَرَّكَ بِي(٩) لَقُلْتُ: سُتُورك المُرخاة.وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: لَوْ قَالَ لِي: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ لَقُلْتُ: غَرَّنِي كَرَمُ الْكَرِيمِ.قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَةِ: إِنَّمَا قَالَ: ﴿بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ دُونَ سَائِرِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، كَأَنَّهُ لَقَّنَهُ الْإِجَابَةَ(١٠) .وَهَذَا الَّذِي تَخَيَّلَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَيْسَ بِطَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَتَى بِاسْمِهِ ﴿الْكَرِيم﴾ ؛ لِيُنَبِّهَ(١١) عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَابَل الْكَرِيمُ بِالْأَفْعَالِ الْقَبِيحَةِ، وَأَعْمَالِ السُّوءِ.وَ [قَدْ](١٢) حَكَى الْبَغَوِيُّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ أَنَّهُمَا قَالَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَسْوَدِ بْنِ شَريق، ضَرَبَ النَّبِيَّ ﷺ وَلَمْ يُعَاقَبْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ ؟(١٣) .
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ أَيْ: مَا غَرَّكَ بِالرَّبِّ الْكَرِيمِ ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ أَيْ: جَعَلَكَ سَويا مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ مُنْتَصِبَهَا، فِي أَحْسَنِ الْهَيْئَاتِ وَالْأَشْكَالِ.قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا حَريزُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيسرة، عَنْ جُبير ابن نُفَير، عَنْ بُسْر بْنِ جحَاش الْقُرَشِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَصَقَ يَوْمًا فِي كَفِّهِ، فَوَضَعَ عَلَيْهَا أُصْبُعَهُ، ثُمَّ قَالَ: "قَالَ اللَه عَزَّ وَجَلَّ: ابْنَ(١٤) آدَمَ أنَّى تُعجِزني وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ؟ حتى إِذَا سَوّيتك وَعَدَلْتُكَ، مَشَيْتَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ وَلِلْأَرْضِ مِنْكَ وَئِيدٌ، فجَمَعت ومَنعت، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي قلتَ: أتصدقُ، وأنَّى أوانُ الصَّدَقَةِ".وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ حَريز بْنِ عُثْمَانَ، بِهِ(١٥) .قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ المزِّي: وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ(١٦) .
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي أَيِّ شَبَه أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ عَمٍّ؟وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُطَهَّر بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاح، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ: "مَا وُلِدَ لَكَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَسَى أَنْ يُولَد لِي؟ إِمَّا غُلَامٌ وَإِمَّا جَارِيَةٌ. قَالَ: "فَمَنْ يُشْبِهُ؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ عَسَى أَنْ يُشْبِهَ؟ إِمَّا أَبَاهُ وَإِمَّا أُمَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَهَا: "مَهْ. لَا تقولَنَّ هَكَذَا، إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ أَحْضَرَهَا اللَّهُ كُلَّ نَسَبٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ آدَمَ؟ أَمَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ " قَالَ: سَلَكك(١٧) .وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مُطهر بْنِ الْهَيْثَمِ، بِهِ(١٨) وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ فَيْصَلًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَكِنَّ إِسْنَادَهُ لَيْسَ بِالثَّابِتِ؛ لَأَنَّ "مُطَهَّر بْنَ الْهَيْثَمِ" قَالَ فِيهِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُرْوى عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ مَا لَا يُشبهُ حَديثَ الْأَثْبَاتِ. وَلَكِنْ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيرة أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدت غُلامًا أسودَ؟. قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَلْوَانُهَا؟ " قَالَ: حُمر. قَالَ: "فَهَلْ فِيهَا مَنْ أورَق؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟ " قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزْعَةَ عِرْق. قَالَ: "وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزْعَةَ عِرْقٍ"(١٩) .وَقَدْ قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ إِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ قِرْدٍ، وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةٍ خِنْزِيرٍ. وَكَذَا قَالَ أَبُو صَالِحٍ: إِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ كَلْبٍ، وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ حِمَارٍ، وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَةِ خِنْزِيرٍ.وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ قَالَ: قَادِرٌ-وَاللَّهِ -رَبُّنَا عَلَى ذَلِكَ. وَمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ: أَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ النُّطْفَةِ عَلَى شكل قبيح من الحيوانات الْمُنْكَرَةِ الْخَلْقِ، وَلَكِنْ بِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِهِ وَحِلْمِهِ يَخْلُقُهُ عَلَى شَكْلٍ حَسَنٍ مُسْتَقِيمٍ مُعْتَدِلٍ تَامٍّ، حَسَن الْمَنْظَرِ وَالْهَيْئَةِ.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ أَيْ: بَلْ إِنَّمَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى مُوَاجَهَةِ الْكَرِيمِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالْمَعَاصِي، تَكْذِيبٌ فِي قُلُوبِكُمْ بِالْمَعَادِ وَالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ.
* * *وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ يَعْنِي: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَمَلَائِكَةً حَفَظَة كِرَامًا فَلَا تُقَابِلُوهُمْ بِالْقَبَائِحِ، فَإِنَّهُمْ يَكْتُبُونَ عَلَيْكُمْ جَمِيعَ أَعْمَالِكُمْ.قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّنَافِسِيّ، حَدَّثَنَا وَكيع، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ومِسْعَر، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَد، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَكْرِمُوا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إِحْدَى حَالَتَيْنِ: الْجَنَابَةِ وَالْغَائِطِ. فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِحَرَمِ حَائِطٍ أَوْ بِبَعِيرِهِ، أَوْ لِيَسْتُرْهُ أَخُوهُ".وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، فَوَصَلَهُ بِلَفْظٍ آخَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَنِ التعرِّي، فَاسْتَحْيُوا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ الَّذِينَ مَعَكُمْ، الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، الَّذِينَ لَا يُفَارقونكم إِلَّا عِنْدَ إِحْدَى ثَلَاثِ حَالَاتٍ: الْغَائِطِ، وَالْجَنَابَةِ، وَالْغُسْلِ. فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ بِالْعَرَاءِ فَلْيَسْتَتِرْ بِثَوْبِهِ، أَوْ بِحَرَمِ حَائِطٍ، أَوْ بِبَعِيرِهِ".ثُمَّ قَالَ: حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ، وَاحْتُمِلَ حَدِيثُهُ(٢٠) .وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا مُبَشّر بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا تمام ابن نَجِيح، عَنِ الْحَسَنِ-يَعْنِي الْبَصْرِيَّ-عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا مِنْ حَافِظَيْنِ يَرْفَعَانِ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مَا حَفِظَا فِي يَوْمٍ، فَيَرَى فِي أَوَّلِ الصَّحِيفَةِ وَفِي آخِرِهَا اسْتِغْفَارٌ إِلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي مَا بَيْنَ طَرَفَيِ الصَّحِيفَةِ".ثُمَّ قَالَ:تَفَرَّدَ بِهِ تَمَّامُ بْنُ نَجِيحٍ، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ(٢١) .قُلْتُ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو زُرْعة، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ. وَرَمَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِالْوَضْعِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ.وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بالقُلُوسِي(٢٢) حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ حِمْرَانَ(٢٣) حَدَّثَنَا سَلَامٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً(٢٤) يَعْرِفُونَ بَنِي آدَمَ-وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَيَعْرِفُونَ أَعْمَالَهُمْ-فَإِذَا نَظَرُوا إِلَى عَبْدٍ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ذَكَرُوهُ بَيْنَهُمْ وسَمَّوه، وَقَالُوا: أَفْلَحَ اللَّيْلَةَ فُلَانٌ، نَجَا اللَّيْلَةَ فُلَانٌ. وَإِذَا نَظَرُوا إِلَى عَبْدٍ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَذَكَرُوهُ بَيْنَهُمْ وَسَمَّوْهُ، وقالوا:هلك الليلة فلان".ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: سَلَامٌ هَذَا، أَحْسَبُهُ سَلَامٌ الْمَدَائِنِيُّ، وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ(٢٥) .
(١) زيادة من سنن النسائي.
(٢) سنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٥٢) .
(٣) صحيح البخاري برقم (٧٠٠، ٧١١) وصحيح مسلم برقم (٤٦٥) .
(٤) في م، أ: "من".
(٥) تقدم تخريج الحديث عند تفسير سورة التكوير، وهو في سنن الترمذي برقم (٣٣٣٣) .
(٦) في م: "يا ابن".
(٧) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٨/٤٣٩) وعزاه لابن المنذر وسعيد بن منصور أيضا.
(٨) في أ: "خيثم".
(٩) في أ: "بربك".
(١٠) معالم التنزيل للبغوي (٨/٣٥٦) .
(١١) في أ: "للتنبيه".
(١٢) زيادة من م.
(١٣) معالم التنزيل للبغوي (٨/٣٥٦) .
(١٤) في م: "يا ابن".
(١٥) المسند (٤/٢١٠) وسنن ابن ماجة برقم (٢٧٠٧) وقال البوصيري في الزوائد (٢/٣٦٥) : "إسناد صحيح رجاله ثقات".
(١٦) تحفة الأشراف للمزي (٢/٩٧) .
(١٧) في م: "شكلك".
(١٨) المعجم الكبير (٥/٧٤) .
(١٩) صحيح البخاري برقم (٥٣٠٥) وصحيح مسلم برقم (١٥٠٠) .
(٢٠) مسند البزار برقم (٣١٧) "كشف الأستار".
(٢١) مسند البزار برقم (٣٢٥٢) "كشف الأستار".
(٢٢) في مسند البزار: "الفلوسي" نسبة إلى الفلوس.
(٢٣) في أ: "عمران".
(٢٤) في م: "إن ملائكة الله".
(٢٥) مسند البزار برقم (٢١٩٥) "كشف الأستار".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق