وفي سنة
676 هـ رجع إلى نوى بعد أن ردّ الكتب المستعارة من
الأوقاف، وزار مقبرة شيوخه، فدعا لهم وبكى، وزار
أصحابه الأحياء وودّعهم، وبعد أن زار والده زار
بيت المقدس والخليل، وعاد إلى نوى فمرض بها وتوفي
في 24 رجب. ولما بلغ نعيه إلى دمشق ارتجّت هي وما
حولها بالبكاء، وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً،
وتوجّه قاضي القضاة عزّ الدين محمد بن الصائغ
وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة عليه في قبره،
ورثاه جماعة، منهم محمد بن أحمد بن عمر الحنفي
الإِربلي، وقد اخترت هذه الأبيات من قصيدة بلغت
ثلاثة وثلاثين بيتاً:
عزَّ العزاءُ وعمَّ الحــادث
الجلــل *** وخاب بالموت في تعميرك الأمل
واستوحشت بعدما كنت الأنيـس
لهـا *** وساءَها فقدك الأسحارُ والأصـلُ
وكنت للدين نوراً يُستضاء به
مسـدَّد *** منـك فيــه القولُ والعمــلُ
زهدتَ في هــذه الدنيا
وزخرفـها *** عزماً وحزماً ومضروب بك المثل
أعرضت عنها احتقاراً غير
محتفل *** وأنت بالسعـي في أخـراك محتفل
وهكذا انطوت صفحة
من صفحات عَلَمٍ من أعلاَم المسلمين، بعد جهاد في
طلب العلم، ترك للمسلمين كنوزاً من العلم، لا زال
العالم الإسلامي يذكره بخير، ويرجو له من اللَّه
تعالى أن تناله رحماته ورضوانه.
رحم اللّه
الإِمام النووي رحمة واسعة، وحشره مع الذين أنعم
اللّه عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وجمعنا به تحت لواء
سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم.
ـــــــــــــــ
(1) مستقاة بتصرف
من مقدمة كتاب الأذكار والمصادر التالية:
) طبقات السبكي
8/395ـ 400، وتذكرة الحفاظ 4/1470 ـ 1474،
والبداية والنهاية 13/278، ومعجم المؤلفين 13/202،
و"الاهتمام بترجمة الإِمام النووي شيخ الإِسلام
للسخاوي، والنووي؛ للشيخ علي الطنطاوي والإِمام
النووي للشيخ عبد الغني الدقر. والمنهاج السوي في
ترجمة محيي الدين النووي للسيوطي. طبعة دار التراث
الأولى 1409 هـ تحقيق: د. محمد العيد
الخطراوي.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق